الأحد، 22 فبراير 2009

أحمد زويل.. والذكاء العاطفى

المقالة دى كتبها د\أحمد عكاشة وعجبتنى جدا وهى كالتالى:

يختلف الذكاء العاطفى EQ عن الذكاء التقليدى الذى نطلق عليه IQ أى معدل الذكاء والذى يقيس القدرات اللفظية والإنجازية والأكاديمية، أما الذكاء العاطفى فهو موهبة الفرد فى التواصل العاطفى بين الذات والآخرين ووجود الهدف، والمعنى والعلاقة مع العالم، ومساعدة الآخرين لعمل الشىء نفسه، يلتحم مفهوم الذكاء العاطفى بالحب والعطاء والروحانية وبحضور الرحمة والإنسانية ويشمل الذكاء العاطفى عدة محكات: أن تعرف وتدير مشاعرك، وأن يكون لك القدرة على إيجاد الحافز، وأن تعرف وتفهم مشاعر الآخرين وتستطيع إدارة عواطف الآخرين.

فالنجاح فى الحياة لا يعتمد على الذكاء الأكاديمى ولكن على الذكاء العاطفى، إن الزعامة والقيادة وحب الجماهير، وحب العاملين تعتمد على إحساسهم بأنك قادر على التواصل العاطفى وهو ما نطلق عليه الكاريزما أو الجاذبية الجماهيرية، وتشيد معظم الأبحاث النفسية بأن قوة الذكاء العاطفى هى الدليل على التنبؤ بالنجاح أكثر من الذكاء الأكاديمى وإذا أخذنا بعض الشخصيات كمثل للتفاوت بين الذكاء العاطفى والذكاء الأكاديمى،

فالرئيس الراحل كنيدى كان متوسط الذكاء ولكن عنده مقياساً عالياً من الذكاء العاطفى والكاريزما، وكذلك ريجان، أما كارتر فذكاؤه يصل لمرحلة العبقرية ورجل له المصداقية ولكنه لا يتمتع بالكاريزما،

أما كلينتون فكان يتمتع بالذكاء العاطفى والتقليدى بعكس بوش الذى لم يهبه الله الذكاء العاطفى ولا التقليدى وأحد أسباب انتخاب أوباما ـ رجل أسود فى البيت الأبيض ـ هو وضوح الذكاء العاطفى والتقليدى وكذلك تسعفنا الذاكرة بالثائر جيفارا الذى كان يتمتع بارتفاع فى الذكاء العاطفى والتقليدى وهو أسطورة خالدة.

عندما أحاضر طلبة السنة الثانية بكلية الطب وعددهم لا يقل عن ألف طالب وأعمارهم تتراوح بين ١٨ و٢٠ سنة فى محاضرة الذكاء أتوجه لهم بالسؤال: من هو الرئيس المصرى الذى تشعر بأنه يتواصل معك عاطفياً وتحس بدفء عواطفه، تكون الإجابة إجمالاً «جمال عبدالناصر» مع أنهم لم يعاصروا عبدالناصر أو السادات وولدوا فى عهد مبارك، ماذا يعنى ذلك، أن حب الجماهير يعتمد على الذكاء العاطفى أو الكاريزما ومن هنا تستطيع أن تغفر الأخطاء للزعيم الملهم ذى القبول والحضور.

إننا ننهى دراستنا بالذكاء الأكاديمى ولكن نجاحنا فى الحياة وفى العمل وفى الزواج وفى الصداقة يعتمد على الذكاء العاطفى، وتوجد دراسة حديثة فى أوروبا تؤكد أن ٧٠٪ من حالات الطلاق يكون من أسبابها القوية عدم وجود الذكاء العاطفى فى أحد الأطراف، أى أن الزوج أو الزوجة لا يستطيع التواصل العاطفى مع الطرف الآخر بالرغم من وجود هذه المشاعر المدفونة بالداخل.

لا يختلف أحد على أن الحائزين على جائزة نوبل يتمتعون بذكاء متميز ومتفرد، ولكن تجد القليل منهم مَنْ يتمتع بالذكاء العاطفى، أتاحت لى الفرصة فى المؤتمرات العلمية المختلفة أن أجلس مع الكثير منهم، وعلى الفور يتضح لى أننى لا أريد أن أكرر اللقاء إلا مع هؤلاء الذين تشعر معهم بالتواصل العاطفى، وينطبق هذا على الصديق العزيز د. أحمد زويل، فهو رجل يتمتع بالذكاء المتفرد و المتميز ولكنه أيضاً أعطاه الله موهبة الذكاء العاطفى ومع أنه «رجل علم» إلا أنه أصبحت له جاذبية جماهيرية تفوق «رجل السياسة» ومن ثم يتمتع بحب كل من يتكلم معه أو يسمعه أو يشاهده.

كنا نتناول العشاء، أمس الأول، سوياً فى أحد مطاعم القاهرة وذهبنا للسيارة فما كان من بائع الجرائد والسايس إلا محاولة مصافحة أحمد زويل ورفض أى تعاطى أتعاب سواء للجرائد التى اشتراها أو لعناية السايس بالسيارة ما معنى هذا! إنهما يشعران بأنه يفهم ويعرف ويقدر عواطفهما،

وأنه بالرغم من جائزة نوبل فإنه يتواصل مع الغنى والفقير، المتعلم والجاهل والمثقف وغيرهم، وطوال فترة العشاء كان الصغير والكبير يتوجهون لمصافحته وللأسف توجد بعض النفوس غير القادرة، والتى لم ينعم الله عليهم بالذكاء العاطفى لا يحاولون قبول ذلك ولكنهم يصابون بحيل دفاعية لا شعورية تجعلهم يعادون النجاح ويذمون فى التفوق، ويقللون من قيمة النجاح، ولكن هيهات أن يؤثر ذلك فى نفسية الناجح. إن الأقزام لا تصيبها السهام ولكنها تصيب الأكابر والكبير يستطيع التسامح والتغاضى ويتسامى عن الصغائر.

إننى أعلم أن أحمد زويل بالرغم من حب الناس له واعتباره قدوة فإنه عازف عن المنصب والقوة والجاه مستغرق فى أبحاثه العلمية.

قد يقول البعض: وماذا نفعل إن لم يعطنا الله هذا الذكاء العاطفى، لا تيأس، فتوجد الآن التدريبات لتنمية الكفاءة الشخصية والاجتماعية والعاطفية والمهارات الاجتماعية، بل إنه توجد مقاييس للذكاء العاطفى يتم استخدامها فى التخطيط، وملء الوظائف والتنمية البشرية واختبار الكفاءات وتنمية الإدارة فى حركة الأسواق التجارية وفى خدمة العملاء.

وأخيراً، عندما تنظر إلى دراستك الجامعية أو الثانوية وقد تعرضت لعشرات الأساتذة والأذكياء، ستجد أنك تتذكر البعض فقط، هؤلاء هم ذوو الذكاء العاطفى، كذلك ستذكر بعض الزعماء والقيادات والفنانين والعلماء والصحفيين إلخ.. هؤلاء الذين يملكون الذكاء العاطفى.

إننى أتحدى أن يكون فى الوقت الحالى أحد يتمتع بهذا القبول والحضور والكاريزما والذكاء العاطفى مثل د. أحمد زويل وليس فقط بين طبقة المثقفين بل بين هؤلاء العامة الذين لا يفهمون ما هو الفيمتو ثانية!!!

ولكنه يمثل لهم النجاح والتفوق والأمل يزيد على ذلك الذكاء العاطفى، فالكثير يعتبرونه مثلهم الأعلى فى المصرى الذى تفوق على ذاته وعلى الآخرين ويتمنون التوحد معه حيث يشعرون ببعض السعادة والكرامة والقدرة على تطلعات متفائلة.

هنيئاً لك أيها الصديق بمحبة الله والجماهير والتى تثير فى القلة العاجزة الغيرة واليأس وفى الأغلبية الفخر والاعتزاز.


ليست هناك تعليقات: